فصل: أيضًا من المنهجية المتقررة في كتب الحديث

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنهجية في قراءة كتب العلم **


 أيضًا من المنهجية المتقررة في كتب الحديث

ـ ولا نطيل عليكم بهذا ـ أنّ كتب الأحاديث يعني شروح الأحاديث الكبيرة، قل أنْ تسلم من غلط في العقيدة وسبب ذلك، ليس راجعًا إلى قصورٍ أو إلى بدعة في مؤلفيها بل كلهم حريصون على السنة لكنه راجع إلى عدم الاطلاع على ما في الباب من الآثار والسنن تارة، وراجع تارة أخرى إلى عدم الاطلاع على كلام المحققين في هذه المسألة، بل ربما وقع من بعضهم كلامات قبيحة في حق بعض الصحابة، وهذا لا شك أنّه لا يسوغ أنْ يقبله طالب العلم على إطلاقه، بل تعرف أنّ شروح الأحاديث فيها سمين كثير وصواب كثير، وفيها أيضًا بعض الغلط ـ يعني مثلاً ـ هل يجوز أنْ يُقرّ في شرح من شروح الأحاديث، لعن معاوية‏؟‏ لا يجوز، هل يجوز أنْ يقرَّ في شرح من شروح الأحاديث وصف عمر رضي الله عنه بالمسكين‏؟‏، أين يقع هذا المسكين من كلام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، مثل ما قال بعض الشرّاح، هل يتهم عمر رضي الله عنه بإحداث بدعة التراويح، كما في بعض الشروح، هل نجعل بعض الشروح مقبولة لأنّها شرح حديث لأجل مؤلفها وجلالته وإمامته إلى آخر ذلك، ونقبل كل ما فيها‏؟‏ الصواب‏:‏ لا، الصواب الكامل ليس إلاّ عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومن كان صوابه أكثر من أهل العلم، فهو الحري بالثناء، هو الحري بالإجلال؛ لأنّه اجتهد في أنْ يكون صوابه أكثر، وهذه مسائل راجعة عند كثيرين إلى مسألة الاستنباط والاجتهاد‏.‏

ومن القواعد المقررة عند الفقهاء أنّ العالم لا يُتْبَعُ بزلته وكذلك لا يُتَّبَعُ على زلته، قال بعض العلماء‏:‏ ‏(‏جعل الله جلّ وعلا لكل عالم غلطًا إمّا في قول أو في فعل ويعلم الناس أنّه غلط في هذا حتى لا يرتفع عالم إلى مرتبة النبوة‏)‏، لا يمكن أنْ يعتقد في أحدٍ أنّه على الصواب التام لا يخطئ البتة، هذا ليس إلاّ إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، لهذا شروح الأحاديث ينبغي من جهة التوحيد والعقيدة، أنْ تنظر على احترام مؤلفيها والترحم عليهم، وعذرهم فيما أخطأوا فيه، لكن لا يتابعون على ذلك، نقول‏:‏ أخطأ أو يقول العالم الراسخ أخطأ العالم، أولا يذكر أصلا أنّ فلان أخطأ؛ لأنّه ما من عالم إلاّ وله سهو، قد يكون غُلِبَ عليه ما حقق المسألة، تبع ما كان شائعا عندهم إلى آخر ذلك كما هو موجود عند كثيرين، فلابدّ أنْ تُلاحَظ مثل هذه المسائل في قراءة كتب شروح الأحاديث يعني أنْ تجعل العقيدة معك، فلا تتساهل في من يتكلم على الصحابة ولو كان من شراح الحديث، أو ينتمي إلى البدعة والخرافة، ولو كان من شراح الحديث، أو من يحسن البدع العملية ولو كان من شراح الحديث، فإنّ هذا لا يقبل منه ، وهو على نيته ونترحم على الجميع، لكن طالب العلم لا يقبل كل ما في الكتب المختلفة؛ لأنّ مؤلفها فلان وفلان بل يُنْظَر إلى دليلها وإلى موافقتها لقواعد السلف الصالح ـ رحمهم الله تعالى ـ‏.‏

لو أردنا أنْ نطيل لأخذنا الفقه وأخذنا الأصول والنحو والصرف إلى آخره، ولكن ذكرنا العلوم الثلاثة هذه، ‏(‏التفسير والعقيدة والحديث‏)‏، لتكون دليلا على غيرها والقواعد العامة، والضوابط العامة في أول الكلام ربما تمشي معك في قراءتك لأكثير الفنون‏.‏

وفي الختام أسأل الله جلّ وعلا أنْ يلهمني وإياكم الرشد والسداد، وأنْ يقينا الزلل والعثار، وأنْ يجعل صوابنا أكثر من خطئنا اللّهم إنّا نستغفرك من سيّئاتنا وخطلنا وغلطنا ونسألك اللّهمّ أنْ تعفوَ عنا جميعا، اللّهم ارحمنا وارحم آبائنا وارحم أمهاتنا، اللّهم واغفر لنا جميعا، ونسألك اللّهم أنْ تصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وأنْ تصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأنْ تصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، اللّهمّ وأصلح ولاة أمرنا ووفقهم اللّهم لما فيه الرشد والسداد، وباعد بينهم وبين سبل أهل البغي والفساد يا أرحم الراحمين، وفي الختام أيضًا أشكر الإخوة القائمين على فرع الوزارة في منطقة مكة المكرمة وعلى رأسهم مدير الفرع الأخ الدكتور حسن الحجاجي، على اعتنائهم بهذه الدروس والمحاضرات والدعوة، ولا شكّ أنّ هذا من الواجبات الشرعية المهمة التي أُنيطت بالمسؤول الأول ويؤديها واجبًا شرعيًا من جهة أخرى، فيؤديها على أنّها واجب ويؤديها على أنها مطلوبة شرعا، فإثراء البلاد بالدروس العلمية وبالدعوة والمحاضرات النافعة هذا لا شك أنّه أمر مطلوب شرعًا، وأيضا مم تُيسر له السبل ولله الحمد في هذه البلاد المباركة فلهم منا الشكر الجزيل ودعائنا لهم ولنا جميعًا بالتوفيق والسداد‏.‏

وصلّ اللّهم وسلم وبارك على نبينا محمد‏.‏